فصل: (3/98) باب ما جاء في وضع اليد اليمنى على الشمال

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: فتح الغفار الجامع لأحكام سنة نبينا المختار



.[3/98] باب ما جاء في وضع اليد اليمنى على الشمال

996 - وعن وائل بن حُجْر: «أنه رأى النبي - صلى الله عليه وسلم - رفع يديه حين دخل في الصلاة وكبر، ثم التحف بثوبه، ثم وضع اليمنى على اليسرى، فلما أراد أن يركع أخرج يديه ثم رفعهما وكبر، فلما قال: سمع الله لمن حمده رفع يديه، فلما سجد سجد بين كفيه» رواه أحمد ومسلم، وفي رواية لأحمد وأبي داود: «ثم وضع يده اليمنى على كفه اليسرى والرُّسْغ والساعد»، وأخرجه النسائي وابن حبان، وابن خزيمة في "صحيحه"، ولفظه: «صليت مع النبي - صلى الله عليه وسلم - فوضع يده اليمنى على يده اليسرى على صدره».
997 - وعن أبي حازم عن سهل بن سعد قال: «كان الناس يؤمرون أن يضع الرجل اليد اليمنى على ذراعه اليسرى في الصلاة» قال أبو حازم: ولا أعلمه ينمي ذلك إلا إلى النبي - صلى الله عليه وسلم -. رواه أحمد والبخاري ومالك في "الموطأ" وقال النووي: هذا حديث صحيح مرفوع.
998 - وعن ابن مسعود «أنه كان يصلي فوضع يده اليسرى على اليمنى، فرآه النبي - صلى الله عليه وسلم - فوضع يده اليمنى على اليسرى» رواه أبو داود والنسائي وابن ماجه، وقال ابن سَيّد الناس: رجاله رجال الصحيح، وقال الحافظ في "الفتح": إسناده حسن.
999 - وعن علي رضي الله عنه قال: «من السنة في الصلاة وضع الأكف على الأكف تحت السرة» رواه أحمد وأبو داود في بعض نسخه، وهي نسخة ابن الأعرابي ولم يوجد في غيرها، وبيض له في "جامع الأصول" على عادته، وقال أبو داود: سمعت أحمد بن حنبل يضعفه، وقال البخاري: فيه نظر.
1000 - وأخرج أبو داود أيضًا عن ابن جرير الضّبي عن أبيه قال: «رأيت عليًا يمسك شماله بيمينه على الرسغ فوق السرة»، وفي إسناده أبو طالوت عبد السلام بن أبي حازم، قال أبو داود: يكتب حديثه.
1001 - وعن هُلْب قال: «كان النبي - صلى الله عليه وسلم - يؤمنا فيأخذ شماله بيمينه» أخرجه أحمد والترمذي وحسنه، وصححه ابن السكن.
1002 - وقد روى ابن حبان في "صحيحه" من رواية ابن عباس: «ثلاث من سنن المرسلين: تعجيل الفطر، وتأخير السحور، ووضع اليمين على الشمال في الصلاة»، وقد روى وضع اليمنى على اليسرى ثمانية عشرة صحابيًا.
1003 - منها عن عائشة عند البيهقي وقال: صحيح.
1004 - ومنها عن عقبة بن أبي عائشة عند الهيثمي موقوفًا بإسناد حسن، وقال ابن عبد البر: لم يأت فيه عن النبي - صلى الله عليه وسلم - خلاف.
1005 - وروى الدارقطني والبيهقي والحاكم، وقال: إنه أحسن ما روي أن عليًا عليه السلام فسّر قوله تعالى: {فَصَلِّ لِرَبِّكَ وَانْحَرْ} [الكوثر:2] بوضع اليمين على الشمال.

.[3/99] باب نظر المصلي إلى موضع سجوده والنهي عن رفع البصر في الصلاة

1006 - عن أبي هريرة قال: «كان النبي - صلى الله عليه وسلم - إذا صلى رفع بصره إلى السماء، فنزلت: {قَدْ أَفْلَحَ الْمُؤْمِنُونَ * الَّذِينَ هُمْ فِي صَلاتِهِمْ خَاشِعُونَ} [المؤمنون:1، 2] فطأطأ رأسه» أخرجه الحاكم في "المستدرك"، وقال: على شرط الشيخين، ورواه أحمد في كتاب "الناسخ والمنسوخ" مرسلًا برجال ثقات، وأخرجه البيهقي موصولًا، وقال: المرسل هو المحفوظ.
1007 - وعن أبي هريرة أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: «لينتهين أقوام يرفعون أبصارهم إلى السماء في الصلاة أو لَتُخْطَفَنَّ أبصارهم» رواه أحمد ومسلم والنسائي.
1008 - وعن أنس عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: «ما بال أقوام يرفعون أبصارهم إلى السماء في صلاتهم فاشتد قوله في ذلك حتى قال: لينتهينَّ أو لتخطفنَّ أبصارهم» رواه الجماعة إلا مسلمًا والترمذي.
1009 - وعن عبد الله بن الزبير قال: «كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إذا جلس في التشهد وضع يده اليمنى على فخذه اليمنى، ويده اليسرى على فخذه اليسرى، وأشار بالسبابة ولم يجاوز بصره إشارته» رواه أحمد والنسائي وأبو داود وابن حبان في "صحيحه"، وفي الباب أحاديث غير ما ذكر بعضها في الصحيح.

.[3/100] باب ذكر الاستفتاح بعد التكبيرة

1010 - عن أبي هريرة قال: «كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إذا كبر في الصلاة سكت هُنَيهة قبل القراءة، فقلت: يا رسول الله! بأبي أنت وأمي أرأيت سكوتك بين التكبير والقراءة ما تقول؟ قال: أقول: اللهم باعد بيني وبين خطاياي كما باعدت بين المشرق والمغرب، اللهم نقِّني من خطاياي كما ينقى الثوب الأبيض من الدنس، اللهم اغسلني من خطاياي بالثلج والماء والبَرَد» رواه الجماعة إلا الترمذي.
1011 - وعن علي رضي الله عنه قال: «كان النبي - صلى الله عليه وسلم - إذا قام إلى الصلاة قال: وجهت وجهي للذي فطر السماوات والأرض حنيفًا مسلمًا وما أنا من المشركين، إنَّ صلاتي ونُسُكي ومَحْيَايَ ومَمَاتي للهِ ربِّ العالمينَ لا شَرِيْكَ له، وبِذلكَ أُمِرْتُ وأنا أولُ المسلمين، اللهم أنت الملك لا إلهَ إلَّا أنت، أنتَ ربي وأنا عبدك، ظلمت نفسي فاعترفت بذنبي فاغفر لي ذنوبي جميعًا لا يغفر الذنوب إلا أنت، واهدني لأحسن الأخلاق لا يهدي لأحسنها إلا أنت، واصرف عني سيئها لا يصرف عني سيئها إلا أنت، لبيك وسعديك والخير كله في يديك والشر ليس إليك، أنا بك وإليك، تباركت وتعاليت، أستغفرك وأتوب إليك، وإذا ركع قال: اللهم لك ركعت، وبك آمنت، ولك أسلمت، خَشَعَ لك سمعي وبصري ومُخِّي وعظمي وعصبي، وإذا رفع رأسه قال: اللهم ربنا لك الحمد ملءَ السموات وملءَ الأرض، وملء ما بينهما، وملء ما شئت من شيء بَعْدُ، وإذا سجد قال: اللهم لك سجدت، وبك آمنت، ولك أسلمت، سجد وجهي للذي خلقه وصوره وشق سمعه وبصره فتبارك الله أحسن الخالقين، ثم يكون من آخر ما يقول بين: التشهد والتسليم: اللهم اغفر لي ما قدمت وما أخرت، وما أسررت وما أعلنت، وما أسرفت، وما أنت أعلم به مني، أنت المقدم وأنت المؤخر لا إله إلا أنت» رواه أحمد ومسلم، والترمذي وصححه، وزاد الترمذي في روايته: «إذا قام إلى الصلاة المكتوبة»، وكذلك قيَّده ابن حبان والشافعي، وقال في "بلوغ المرام": وفي رواية لمسلم: «إن ذلك في صلاة الليل» انتهى.
والحديث أخرجه مسلم بطوله في صلاة الليل إلا قوله: «مسلمًا» فلم أجدها فيه، وفي "التلخيص" أنه زاد الرافعي بعد قوله: «حنيفًا مسلمًا»، وهو عند ابن حبان أيضًا من حديث علي رضي الله عنه، وأخرج الحديث أيضًا أبو داود والنسائي وابن ماجه مختصرًا بزيادة ونقص في بعض ألفاظه.
1012 - وعن عائشة قالت: «كان النبي - صلى الله عليه وسلم - إذا استفتح الصلاة، قال: سبحانك اللهم وبحمدك، وتبارك اسمك، وتعالى جدك، ولا إله غيرك» رواه أبو داود.
1013 - والدارقطني من رواية أنس.
1014 - وللخمسة مثل حديث أبي سعيد، وسيأتي والحديث قد تُكُلِّم في إسناده، وأما الحاكم فصححه وأورد له شاهدًا، وقال الحافظ: رجال إسناده ثقات لكن فيه انقطاع. انتهى.
1015 - وقد روي فعله عن جماعة من الصحابة، قال في "الهدي": قد صح عن عمر أنه كان يستفتح في مقام النبي - صلى الله عليه وسلم - ويجهر به ويعلمه الناس، وهو بهذا الوجه في حكم المرفوع، ولذا قال الإمام أحمد: أما أنا فأذهب إلى ما روي عن عمر.

.[3/101] باب ما جاء في الاستعاذة وقوله تعالى: {فَإِذَا قَرَأْتَ الْقُرْآنَ فَاسْتَعِذْ بِاللَّهِ مِنَ الشَّيْطَانِ الرَّجِيمِ}

1016 - عن أبي سعيد الخدري عن النبي - صلى الله عليه وسلم -: «أنه كان إذا قام إلى الصلاة استفتح ثم يقول: أعوذ بالله السميع العليم من الشيطان الرجيم من همزه ونفخه ونفثه» رواه أحمد والترمذي وزاد بعد: إذا قام إلى الصلاة كبر ثم يقول: «سبحانك اللهم وبحمدك وتبارك اسمك وتعالى جدك ولا إله غيرك، ثم يقول: الله أكبر الله أكبر، ثم يقول: أعوذ بالله السميع العليم... إلى آخره» والحديث قد تكلم في إسناده، وقال الترمذي: حديث أبي سعيد أشهر حديث في هذا الباب، وقد أخذ قوم من أهل العلم بهذا الحديث، وقال ابن المنذر: جاء عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه كان يقول قبل القراءة: أعوذ بالله من الشيطان الرجيم.
1017 - وقال الأسود: «رأيت عمر حين يفتتح الصلاة يقول: سبحانك اللهم وبحمدك وتبارك اسمك وتعالى جدّك ولا إله غيرك ثم يتعوّذ» رواه الدارقطني.
1018 - وقد سبق في الباب الذي قبل هذا أن عمر كان يستفتح به في مقام النبي - صلى الله عليه وسلم -، وللحديث شواهد يقوي بعضها بعضًا.
1019 - وقال في "الخلاصة": أخرج جُبير بن مُطعم «أنه - صلى الله عليه وسلم - كان يتعوذ قبل القراءة» رواه أبو داود وابن ماجه وصححه ابن حبان والحاكم، انتهى.

.[3/102] باب ما جاء في الإسرار ببسم الله الرحمن الرحيم وما جاء في الجهر بها

1020 - عن أنس بن مالك قال: «صليت مع النبي - صلى الله عليه وسلم - وأبي بكر وعمر وعثمان فلم أسمع أحدًا منهم يقرأ ببسم الله الرحمن الرحيم» رواه أحمد ومسلم، وفي رواية للبخاري ومسلم: «أن النبي - صلى الله عليه وسلم - وأبا بكر وعمر كانوا يفتتحون الصلاة بالحمد لله رب العالمين» وفي لفظ: «صليت خلف النبي - صلى الله عليه وسلم - وخلف أبي بكر وعمر وعثمان فكانوا لا يجهرون ببسم الله الرحمن الرحيم» رواه أحمد والنسائي بإسناد على شرط الصحيح، ولأحمد ومسلم: «صليت خلف النبي - صلى الله عليه وسلم - وأبي بكر وعمر وعثمان، وكانوا يستفتحون بالحمد لله رب العالمين، لا يذكرون بسم الله الرحمن الرحيم في أول قراءة ولا في آخرها».
1021 - ولعبد الله بن أحمد في مسنده من حديث أنس قال: «صليت خلف النبي - صلى الله عليه وسلم - وخلف أبي بكر وعمر وعثمان فلم يكونوا يستفتحون القراءة ببسم الله الرحمن الرحيم» وللنسائي عنه قال: «صلى بنا - صلى الله عليه وسلم - فلم يسمعنا قراءة بسم الله الرحمن الرحيم، وصلى بنا أبو بكر وعمر فلم نسمعها منهما».
1022 - وعن ابن عبد الله بن مُغفَّل قال: «سمعني أبي وأنا أقول: بسم الله الرحمن الرحيم، فقال: يا بني! إياك والحدث، قال: ولم أر من أصحاب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - رجلًا كان أبغض إليه حدثًا في الإسلام منه، فإني صليت مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ومع أبي بكر وعمر وعثمان فلم أسمع أحدًا منهم يقولها، فلا تقلها، إذا أنت قرأت فقل: الحمد لله رب العالمين» رواه الخمسة إلا أبا داود وحسنه الترمذي وضعفه غيره.
1023 - وعن عائشة قالت: «كان النبي - صلى الله عليه وسلم - يستفتح الصلاة بالتكبير والقراءة بالحمد لله رب العالمين» أخرجه مسلم وقد أعل بالإرسال.
1024 - وعن أنس بن مالك قال: «صلى معاوية بالناس بالمدينة صلاة جهر فيها بالقراءة، فلم يقرأ بسم الله الرحمن الرحيم، ولم يكبر في الخفض والرفع، فلما فرغ ناداه المهاجرون والأنصار: يا معاوية نقصت الصلاة، أين بسم الله الرحمن الرحيم؟ وأين التكبير إذا خفضت ورفعت؟ فكان إذا صلّى بهم بعد ذلك قرأ بسم الله الرحمن الرحيم وكبر» رواه الشافعي وأخرجه الحاكم في "المستدرك" وقال: صحيح على شرط مسلم.
1025 - وعن نُعَيم المجمّر قال: «صليت وراء أبي هريرة فقرأ بسم الله الرحمن الرحيم، ثم قرأ بأم القرآن حتى إذا بلغ ولا الضالين قال: آمين، ويقول كلما سجد وإذا قام من الجلوس: الله أكبر، ثم يقول إذا سلم: والذي نفسي بيده إني لأشبهكم صلاة برسول الله - صلى الله عليه وسلم -» رواه النسائي وابن خزيمة وصححه، وصححه أيضًا ابن حبان والحاكم وقال: على شرط البخاري ومسلم، وقال البيهقي: صحيح على الإسناد، وله شواهد، وقال أبو بكر الخطيب: ثابت صحيح لا يتوجه عليه تعليل.
1026 - وعن أبي هريرة: «أن النبي - صلى الله عليه وسلم - كان إذا قرأ وهو يؤمّ الناس افتتح ببسم الله الرحمن الرحيم» أخرجه الدارقطني، وقال: رجال إسناده كلهم ثقات.
1027 - وعن علي رضي الله عنه: «أن النبي - صلى الله عليه وسلم - كان يقرأ بسم الله الرحمن الرحيم في صلاته» أخرجه الدارقطني وقال: لا بأس بإسناده، وفي رواية له: «أنه سئل عن السبع المثاني فقال: الحمد لله رب العالمين، قيل إنما هي ست، فقال: بسم الله الرحمن الرحيم» ورجال إسناده كلهم ثقات.
1028 - وعن أنس قال: «سمعت النبي - صلى الله عليه وسلم - يجهر ببسم الله الرحمن الرحيم» أخرجه الحاكم قال: ورواته كلهم ثقات.
1029 - وعن سمرة قال: «كان للنبي - صلى الله عليه وسلم - سكتتان: سكتة إذا قرأ بسم الله الرحمن الرحيم، وسكتة إذا فرغ من القراءة» أخرجه الدارقطني بإسناد جيد.
1030 - وعن قتادة قال: «سئل أنس: كيف كانت قراءة النبي - صلى الله عليه وسلم -؟ فقال: كانت مدًا، ثم قرأ بسم الله الرحمن الرحيم يَمُد بسم الله ويَمُد بالرحمن، ويَمُد بالرحيم» رواه البخاري.
1031 - وعن ابن عباس قال: «كان النبي - صلى الله عليه وسلم - يفتتح صلاته ببسم الله الرحمن الرحيم» رواه الترمذي وقال هذا حديث ليس إسناده بذاك، وتعقبه صاحب "البدر المنير"، وقال بل هو حسن لا جرَم إن الحاكم رواه وقال إسناده صحيح ليس في رواته مجروح.
قلت: وقد صح الجهر بها عن ستة من الصحابة، انتهى، وفي الجهر بها عدة أحاديث، وهذه المسألة قد طال الكلام فيها، واختلفت أراء الأئمة فيها لتعارض الأدلة، والأقرب عندي أنه - صلى الله عليه وسلم - كان يجهر بها تارة ويخفيها أكثر مما جهر بها، وأحاديث أنس قد تعارضت ولم يبين في الأحاديث التي في أول الباب هل عدم الجهر بالبسملة في الصلوات الجهرية أو السرية، فكانت محل الاحتمال وحديثه في قصة صلاة معاوية صريح في أنّها صلاة جهريّة، وهو حديث صحيح ينبغي التعويل عليه، والله أعلم.

.[3/103] باب ما جاء أن البسملة آية من كل سورة

1032 - عن أم سلمة: «أنها سئلت عن قراءة النبي - صلى الله عليه وسلم - فقالت: كان يُقَطِّع قراءته آيةً آيةً بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد للهِ ربِّ العالمين، الرحمنِ الرحيم، مالك يوم الدِّين» رواه أحمد وأبو داود والترمذي، ولم يذكر البسملة وقال: غريب ليس إسناده بمتصل، وقد رواه الترمذي من طريق ابن أبي مُليكة عن أم سلمة وصححه.
1033 - وعنها: «أن النبي - صلى الله عليه وسلم - كان يقرأ بالحمد لله رب العالمين إلى آخر السورة، وعدها عد الأعراب، وعد بسم الله الرحمن الرحيم آية ولم يعدّ عليهم» أخرجه الدارقطني، قال اليعمري: رواته موثقون، وقال الدارقطني: إسناده صحيح كلهم ثقات، وقال الحاكم: على شرط الشيخين، وصححه ابن خزيمة، وله طرق.
1034 - وعن أنس قال: «بينا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ذات يوم بين أظهرنا في المسجد إذ أغفى إغْفاءَةً ثم رفع رأسه متبسمًا فقلنا: ما أضحكك يا رسول الله؟ فقال: نزلت علي آنفًا سورة فقرأ: بِسمِ اللهِ الرَّحمنِ الرحِيم: {إِنَّا أَعْطَيْنَاكَ الْكَوْثَرَ * فَصَلِّ لِرَبِّكَ وَانْحَرْ * إِنَّ شَانِئَكَ هُوَ الْأَبْتَرُ} [الكوثر:3] ثم قال: أتدرون ما الكوثر؟ قلنا: الله ورسوله أعلم، قال: إنه نهر وعدنيه ربي» رواه أحمد ومسلم والنسائي بتمامه.
1035 - وعن ابن عباس قال: «كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لا يعرف فصل السورة حتى ينزل عليه بسم الله الرحمن الرحيم» رواه أبو داود والحاكم وصححه على شرطهما، وقال الذهبي في "تلخيص المستدرك": أما هذا فثابت، وقال الهيثمي: رواه البزار بإسنادين رجال أحدهما رجال الصحيح، ومما استدل به على أن البسملة آية من كل سورة رسم المصحف.
1036 - وحديث أبي هريرة أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: «إذا قرأتم الفاتحة فاقرءوا بسم الله الرحمن الرحيم، فإنها أحد آياتها» رواه الدارقطني وصوب وقفه، وقال في "الخلاصة": رواه الدارقطني بإسناد صحيح، وعنه أن رجاله كلهم ثقات، وذكره ابن السكن في "صحاحه"، وقد تقدم في الباب الذي قبل هذا أحاديث دالة على أن البسملة آية من الفاتحة وقد ذهب جماعة إلى أنها ليست آية من كل سورة، واحتجوا بأحاديث منها:
1037 - عن أبي هريرة عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه قال: «إن سورة من القرآن ثلاثون آية شفعت لرجل حتى غفر له وهي: {تَبَارَكَ الَّذِي بِيَدِهِ الْمُلْكُ} [الملك:1]» رواه أحمد وأبو داود والنسائي وابن ماجه، والحاكم وابن حبان وصححاه، وحسنه الترمذي، وأعله البخاري في "التاريخ الكبير" بالانقطاع.
1038 - وله شاهد عند الطبراني من حديث أنس بإسناد صحيح، ووجه الاستدلال بهذا الحديث أن سورة تبارك ثلاثون آية بدون البسملة، وقد أجيب عن هذا الاستدلال بأن المراد عد ما هو خاصة السورة لأن البسملة كالشيء المشترك، ومنها الأحاديث التي فيها كان يبدأ القراءة بالحمد لله رب العالمين، والله تعالى أعلم.

.[3/104] باب وجوب قراءة الفاتحة في كل ركعة

1039 - عن أبي هريرة قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «من صلى صلاة لم يقرأ فيها بفاتحة الكتاب فهي خِداجٌ يقولها: ثلاثًا فقيل لأبي هريرة: إنا نكون وراء الإمام؟ قال: اقرأ بها في نفسك، فإني سمعت النبي - صلى الله عليه وسلم - يقول: قال الله عز وجل: قسمت الصلاة بيني وبين عبدي نصفين ولعبدي ما سأل، فإذا قال: الحمد لله رب العالمين، قال الله: حمدني عبدي، وإذا قال: الرحمن الرحيم، قال الله: أثنى عليَّ عبدي، وإذا قال: مالك يوم الدين، قال: مجّدني عبدي، وقال مرة: فوض إلي عبدي، وإذا قال: إياك نعبد وإياك نستعين، قال: هذا بيني وبين عبدي ولعبدي ما سأل، فإذا قال: اهدنا الصراط المستقيم صراط الذين أنعمت عليهم غير المغضوب عليهم ولا الضالين، قال: هذا لعبدي ولعبدي ما سأل» رواه الجماعة إلا البخاري وابن ماجه.
1040 - وعن عُبادة بن الصَّامت أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: «لا صلاة لمن لم يقرأ بفاتحة الكتاب» رواه الجماعة، وفي لفظ: «لا تجزئ صلاة لمن لم يقرأ بفاتحة الكتاب» رواه الدارقطني وقال: إسناده صحيح، ورجاله كلهم ثقات، قال في "الخلاصة": وهو كما قال انتهى. وفي رواية لمسلم: «لا صلاة لمن لم يقرأ بفاتحة الكتاب فصاعدًا» ولأحمد بلفظ: «لا تقبل صلاة لا يقرأ فيها بأم القرآن».
1041 - وعن عائشة قالت: سمعت النبي - صلى الله عليه وسلم - يقول: «من صلى صلاة لم يقرأ فيها بأم القرآن فهي خِداج» رواه أحمد وابن ماجه بإسناد فيه مقال يسير ويشهد له حديث أبي هريرة المتقدم.
1042 - وعن أبي هريرة: «أن النبي - صلى الله عليه وسلم - أمره أن يخرج فينادي: لا صلاة إلّا بقراءة فاتحة الكتاب وما تيسر» رواه أبو داود بإسناد فيه مقال قال في "الخلاصة": وأخرجه ابن خزيمة وابن حبان بلفظ: «لا تجزئ صلاة لا يقرأ فيها بأم القرآن» ويشهد له حديث عبادة المتقدم.
1043 - وعن أبي سعيد: «أمرنا أن نقرأ بفاتحة الكتاب وما تيسر» رواه أبو داود، قال ابن سيد الناس: إسناده صحيح ورجاله ثقات، وقال الحافظ: إسناده صحيح.
1044 - وعن أبي سعيد عن النبي - صلى الله عليه وسلم -: «لا صلاة لمن لم يقرأ في كل ركعة بالحمد وسورة في فريضة أو غيرها» أخرجه ابن ماجه بإسناد ضعيف.
1045 - وعنه: «أمرنا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أن نقرأ بفاتحة الكتاب في كل ركعة» رواه إسماعيل الشالَنْجي صاحب الإمام أحمد.
1046 - وعن أبي قتادة: «أن النبي - صلى الله عليه وسلم - كان يقرأ في كل ركعة بفاتحة الكتاب» أخرجه البخاري.
1047 - وهذا مع قوله - صلى الله عليه وسلم -: «صلوا كما رأيتموني أصلي» دليل على وجوب قراءة الفاتحة في كل ركعة.
1048 - ويؤيده ما في حديث المسيء صلاته عند أحمد وابن حبان والبيهقي أنه قال له - صلى الله عليه وسلم -: «إذا قمت فكبر فاقرأ بأم القرآن إلى أن قال: ثم اصنع ذلك في كل ركعة» قال النووي: إسناد البيهقي صحيح.

.[3/105] باب ما جاء أن المأموم يقرأ الفاتحة خلف إمامه سرًا في نفسه وينصت في غيرها

1049 - عن أبي هريرة أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: «إنما جعل الإمام ليؤتم به فإذا كبر فكبروا، وإذا قرأ فأنصتوا» رواه الخمسة إلا الترمذي، وقال مسلم: صحيح وأصل الحديث في الصحيحين بدون قوله: «وإذا قرأ فأنصتوا».
1050 - وعن أبي هريرة: «أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - انصرف من صلاة جهر فيها بالقراءة فقال: هل قرأ معي أحد منكم آنفًا؟ فقال رجل: نعم يا رسول الله! فإني أقول: مالي أُنازَعُ القرآن؟ قال: فانتهى الناس عن القراءة مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فيما يجهر به رسول الله - صلى الله عليه وسلم - من الصلاة بالقراءة حين سمعوا ذلك من رسول الله - صلى الله عليه وسلم -» رواه أبو داود والنسائي والترمذي وقال: حديث حسن، وأخرجه مالك في "الموطأ" والشافعي وأحمد وابن ماجه وابن حبان وصححه.قوله: «فانتهى الناس عن القراءة... إلى آخره» مدرج.
1051 - وعن عبادة بن الصامت قال: «صلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - الصبح فثقلت عليه القراءة فلما انصرف قال: إني أراكم تقرءون وراء إمامكم، قال: قلنا: يا رسول الله أي والله، فقال: لا تفعلوا إلا بأم القرآن فإنه لا صلاة لمن لم يقرأ بها» رواه أبو داود والترمذي وحسنه، وفي لفظ: «فلا تقرءوا بشيء من القرآن إذا جهرت إلا بأم القرآن» رواه أبو داود والنسائي والدارقطني وقال: رجاله ثقات وإسناده حسن، وقال الخطابي: إسناده جيد لا مطعن فيه، وقال الحاكم: إسناده مستقيم، وقال البيهقي: إسناده صحيح ولفظ أبي داود: «صلَّى بنا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بعض الصلوات التي يجهر فيها بالقراءة فالتَبَسَتْ عليه القراءة، فلما انصرف أقبل علينا بوجهه وقال: هل تقرءون إذا جهرت؟ فقال بعضنا: إنا لنصنع ذلك، فقال: فلا تفعلوا أنا أقول مالي أنازع القرآن، فلا تقرءوا بشيء من القرآن إذا جهرت إلا بأم القرآن» وأخرجه أيضًا أحمد والبخاري في جزء القراءة وصححه، وابن حبان والحاكم والبيهقي.
1052 - وعن محمد بن أبي عائشة عن رجل من أصحاب النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «لعلكم تقرءون والإمام يقرأ؟ قالوا: إنا لنفعل، قال: لا. إلا بأن يقرأ أحدكم بفاتحة الكتاب» رواه أحمد، وحسّن إسناده الحافظ.
1053 - وعن أنس قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «أتقرءون في صلاتكم خلف الإمام والإمام يقرأ، فلا تفعلوا، وليقرأ أحدكم بفاتحة الكتاب في نفسه» أخرجه ابن حبان.
1054 - وعن عبد الله بن شداد: أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: «من كان له إمام فقراءة الإمام له قراءة» رواه الدارقطني مرسلًا، قال في "المنتقى": وقد روى مسندًا من طرق كلها ضعاف، والصحيح أنه مرسل، وقال الحافظ فيلا"التلخيص": هو مشهور من حديث جابر وله طرق عن جماعة من الصحابة كلها معلولة، وقال في "الفتح": إنه ضعيف عند جميع الحفاظ.
1055 - وعن عمران بن حصين: «أن النبي - صلى الله عليه وسلم - صلى الظهر، فجعل رجل يقرأ خلفه بسبح اسم ربك الأعلى فلما انصرف قال: أيكم قرأ أو أيكم القارئ؟ فقال الرجل: أنا، قال: لقد ظننت أن بعضكم خالجنيها» متفق عليه، والمخالجة المنازعة.